responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 111
أَعْقَبَ الثَّنَاءَ عَلَى الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَهَا، فَذَكَرَ أَنَّ مِنْ شِيمَتِهِمُ الْمَغْفِرَةَ عِنْدَ الْغَضَبِ، أَيْ إِمْسَاكَ أَنْفُسِهِمْ عَنْ الِانْدِفَاعِ مَعَ دَاعِيَةِ الْغَضَبِ فَلَا يَغُولُ الْغَضَبُ أَحْلَامَهُمْ.
وَجِيءَ بِكَلِمَةِ إِذا الْمُضَمَّنَةِ مَعْنَى الشَّرْطِ وَالدَّالَّةِ عَلَى تَحَقُّقِ الشَّرْطِ، لِأَنَّ الْغَضَبَ طَبِيعَةٌ نَفْسِيَّةٌ لَا تَكَادُ تَخْلُو عَنْهُ نَفْسُ أَحَدٍ عَلَى تَفَاوُتٍ. وَجُمْلَةُ وَإِذا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ الصِّلَةِ.
وَقَدَّمَ الْمُسْنَدَ إِلَيْهِ عَلَى الْخَبَرِ الْفِعْلِيِّ فِي جُمْلَةِ هُمْ يَغْفِرُونَ لِإِفَادَةِ التَّقَوِّي.
وَتَقْيِيدُ الْمُسْنَدِ بِ إِذا الْمُفِيدَةِ مَعْنَى الشَّرْطِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَكَرُّرِ الْغُفْرَانِ كُلَّمَا غَضِبُوا.
وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا مُعَامَلَةُ الْمُسْلِمِينَ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ فَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ [الشورى: 39] لِأَنَّ ذَلِكَ فِي مُعَامَلَتِهِمْ مَعَ أَعدَاء دينهم.
[38]

[سُورَة الشورى (42) : آيَة 38]
وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (38)
هَذَا مَوْصُولٌ آخَرُ وَصِلَةٌ أُخْرَى. وَمَدْلُولُهُمَا مِنْ أَعْمَالِ الَّذِينَ آمَنُوا الَّتِي يَدْعُوهُمْ إِلَيْهَا إِيمَانُهُمْ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا ابْتِدَاءً هُمُ الْأَنْصَارُ، كَمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ. وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ تَأَصَّلَ فِيهِمْ خُلُقُ الشُّورَى.
وَأَمَّا الِاسْتِجَابَةُ لِلَّهِ فَهِيَ ثَابِتَةٌ لِجَمِيعِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ لِأَنَّ الِاسْتِجَابَةَ لِلَّهِ هِيَ الِاسْتِجَابَةُ لدَعْوَة النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ دَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ مُبَلِّغًا عَنِ اللَّهِ فَكَأَنَّ اللَّهَ دَعَاهُمْ إِلَيْهِ فَاسْتَجَابُوا لِدَعْوَتِهِ. وَالسِّينُ وَالتَّاءُ فِي اسْتَجابُوا لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْإِجَابَةِ، أَيْ هِيَ إِجَابَةٌ لَا يُخَالِطُهَا كَرَاهِيَةٌ وَلَا تَرَدُّدٌ.
وَلَامُ لَهُ لِلتَّقْوِيَةِ يُقَالُ: اسْتَجَابَ لَهُ كَمَا يُقَالُ: اسْتَجَابَهُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أُرِيدَ مِنْهُ اسْتِجَابَةٌ خَاصَّةٌ، وَهِيَ إِجَابَةُ الْمُبَادَرَةِ مِثْلَ أَبِي بَكْرٍ وَخَدِيجَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَنُقَبَاءِ الْأَنْصَارِ أَصْحَابِ لَيْلَةِ الْعَقَبَةِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 111
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست